د. مروان الجابي: معالجة أسنان المرأة الحامل يتوقف على مدة الحمل وحالتها العامة

فترة الحمل هي فترة حرجة في حياة المرأة، حيث يكون خلالها من الصعب أن
تتلقى المرأة الحامل بعض أنواع الأدوية المعالجة، وكذلك يكون هناك حظر في
التعاطي مع بعض أنواع الأشعة. ولهذا فإن الكثير من النساء الحوامل تفضلن
تحمل الألم، لأنهن يدركن أن من المحظور عليهن تناول الكثير من الأدوية.
والسائد أن المرأة الحامل لا تستطيع معالجة أسنانها اثناء فترة الحمل..
وللوقوف على مدى صحة هذه المعلومات كان لـ «الرؤية» هذا اللقاء مع د.مروان
محمد الجابي استشاري زراعة وتجميل الأسنان– عضو الهيئة التعليمية في جامعة
دمشق سابقا"– الذي أكد امكان علاج أسنان المرأة الحامل خصوصا خلال الأشهر
الثلاثة الوسطى من الحمل.. والكثير من التفاصيل حول زراعة الأسنان ساقها
لنا د.الجابي في الحوار التالي: •غالبا ما تخاف الأم الحامل من زيارة طبيب
الأسنان وإذا ما شعرت بآلام تحاول تحملها ظنا منها أن الطبيب لن يقبل
بعلاجها أثناء الحمل.. فما مدى صحة هذا الكلام؟ -الأم الحامل تستطيع زيارة
طبيب الأسنان في أي وقت إذا كان لديها ألم فإن طبيب الأسنان قادر على
تقديم علاج إسعافي، وفي أي وقت من الحمل، واستمرار العلاج يتوقف على تقييم
الطبيب والذي يتضمن الحالة النفسية للمريضة والحالة الصحية العامة ووقت
الحمل، فمثلا إذا كانت المريضة لديها مرض في القلب أو الكلى أو سكري أو
أمراض جهازية عامة بعد أن يقوم الطبيب بتقديم العلاج السني الإسعافي عليه
أن يأخذ استشارة الطبيب الاختصاصي بحالة المريضة الصحية وأخذ موافقة خطية
لاستكمال العلاج. وهناك حالات أخرى تكون المرأة الحامل فيها خائفة ومتوترة
بسبب إجهاضات لمرات متكررة قبل هذا الحمل الحالي أو أن لديها حملا ناتجا
عن (طفل الأنبوب) وعندها تكون هذه المريضة الحامل خائفة وتجب مراعاتها
ومعاملتها كحالة خاصة حتى في العلاج الإسعافي. •هل هناك فترة أثناء الحمل
يفضل فيها العلاج أو الفحص الدوري عن غيرها؟ - نعم. إن الأشهر الثلاثة
الوسطى من الحمل هي أشهر آمنة للأم الحامل ويمكن العلاج فيها بكل اطمئنان،
أما الأشهر الأولى فيفضل تأجيل العلاج حتى تصل للشهر الرابع، وبالنسبة
للأشهر الأخيرة فغالبا ما تكون الحامل مجهدة، ولا تتحمل العلاج. • ما
أنواع العلاجات السنية التي يمكن تقديمها للحامل؟ - هناك بعض العلاجات
البسيطة التي يمكن عملها للمرأة الحامل دون حدوث آلام شديدة أو تخوف، وهي
الحشوات وعلاج العصب والقلع وتنظيف اللثة والأسنان وكلها علاجات بسيطة
يمكن إجراؤها بكل يسر، أما القلوع الجراحية وزراعة الأسنان والتيجان
والجسور فيمكن تأجيلها حتى ما بعد الولادة. •يقال إن المرأة الحامل تفقد
سنا أثناء كل حمل وذلك لأن الجنين يأخذ من كلس الأم وبالأخص من العظم
والأسنان. فما مدى صحة ذلك؟ -هذه المقولة خاطئة، فالجنين بالفعل يأخذ
غذاءه من غذاء الأم، ولكن دون انقاص مما لديها، ولكن لابد للأم الحامل أن
تعتني بغذائها من أجل أن تتمتع بالصحة والعافية هي وطفلها وذلك بمراجعة
طبيب التغذية ليحدد لها الغذاء المناسب، وبشكل عام يجب على المرأة الحامل
تناول البروتينات من اللحم والجبن والسمك والفيتامينات من الفاكهة
والخضار، ويفضل عدم الإكثار من النشويات والمأكولات الدهنية والسكرية
والمعجنات وتخفيف الملح والمنبهات كالشاي والقهوة ويمنع التدخين . • هل
تكثر المشكلات السنية عند المرأة أثناء فترة الحمل؟ وما ظاهرة التهابات
اللثة عند الأم الحامل؟ -المشكلات السنية لا تكثر بسبب الحمل بل هي ضمن
حدودها الطبيعية، لكن الالتهابات اللثوية فهي فعلا ظاهرة سيئة لدى الكثير
من الحوامل بسبب طبقة البلاك مع الجراثيم الفموية التي تكون هي نواة
لالتهاب اللثة، ويزيد فيها الاختلال الهرموني عند المرأة– وهناك ما يسمى
بالأورام اللثوية الحملية السليمة التي غالبا ما تظهر أثناء الحمل وتزول
بعد الولادة وهي أورام حميدة 100 % ونادرا ما نحتاج إلى استئصالها. وأحب
أن أشير إلى أن هناك دراسات تقول إن التهابات اللثة المتقدمة والتي تسمى
بأمراض ما حول اللثة والأسنان قد تتسبب في ولادة مبكرة للأم الحامل أو
ولادة أطفال ناقصي الوزن، ولذلك فعلى الأم الحامل الاعتناء بتفريش أسنانها
ومراجعة الطبيب لإجراء الفحص الدوري. •وما رأيك في التخدير السني والأدوية
التي توصف للحامل؟ -أولا هناك مضادات حيوية آمنة للأم الحامل مثل مركبات
البنسلين، أما مركبات التتراساكلين فيحظر استعمالها أثناء فترة الحمل
والإرضاع، لأنها تسبب تلونا في أسنان الجنين، أما المسكنات فيمكن تناول
مركبات الباراسيتامول بشكل آمن. أما موضوع المخدر السني فيمكن استعمال
مخدر خاص لا يحتوي على مقبض أوعية وهو غير مؤذٍ للحامل، ومع ذلك يفضل في
الأشهر الثلاثة الأولى عدم تناول أي عقاقير طبية. •وماذا عن الأشعة التي
تؤخذ للأسنان؟ -إن الأشعة السينية المنبعثة من جهاز طبيب الأسنان هي أشعة
خفيفة جدا، ومع استعمال الواقي الذي يوضع على منطقة البطن للحامل مما يخفف
من تأثيرها على الجنين، ومع ذلك يجب استعمال الأشعة في حالات الضرورة
القصوى بشكل آمن، ولكن بالمطلق فإن الأشعة ضارة بجسم الإنسان وضارة
بالحامل. • هل من نصيحة للنساء في هذا الجانب؟ ـ أنصح كل المريضات
المقبلات على الزواج أن يراجعن طبيب أسنان قبل العرس، وذلك لإجراء كل
العلاجات السنية وليس فقط الاهتمام بالتنظيف والتبييض والتجميل، وذلك لأن
بعد الزواج إن شاء الله سيكون هناك حمل، وهنا تكون الأم ليست في حاجة إلى
أي علاج، ولكن هذا لا يمنع من الفحص الدوري في منتصف فترة الحمل، ويجب
تفريش الأسنان بشكل يومي واستعمال الغسولات الفموية (المضامض) والخيوط
السنية والتركيز على مركبات الفلورايد في المعجون أو المضامض، وتناول
كميات مناسبة من الغذاء الصحي والحفاظ على زيادة الوزن بشكل مدروس
والامتناع عن التدخين، وأتمنى لكل الحوامل ولادة سعيدة. •إذا انتقلنا الى
موضوع زراعة الأسنان، فما المقصود بها ؟ وما أهميتها؟ ـ زراعة الأسنان هي
تطور علمي لتعويض الأسنان المفقودة بصورة ثابتة ومتينة وجميلة، وهو الأمر
الذي كان حلما عند الذي يفقد أسنانه. وتكون بزرع جذر سن اصطناعية في الفك
لتثبيت سن بديل أو جسر في مكانه، وفي الماضي كان الطبيب يلجأ عند فقدان سن
أو أكثر إلى وضع جسر في فم المريض، وكان ذلك يتطلب رد الأسنان المجاورة
للسن المخلوع لكي يصغر حجمها ثم تتوج ويوصل فيما بينها، فتملأ الفراغ الذي
خلفته الأسنان المخلوعة، والتي تؤثر على بقية الأسنان على المدى البعيد.
ومع اكتشاف زراعة الأسنان، أصبح من الممكن علاج الحالات التي لا يمكن معها
تركيب جسر، ومنها فقد المريض لأسنانه في طرف واحد كامل دون أن تكون لديه
أسنان خلفية، ففي هذه الحالة لا يمكن تركيب جسر، بل يمكن تركيب جهاز
متحرك، فجاءت زراعة الأسنان لحل تلك المشكلة والاستغناء عن الجهاز
المتحرك. وتبدأ عملية الزراعة بوضع زرعة على شكل إسفين داخل العظم وبقائها
لمدة تتراوح من 4 إلى 6 أشهر، ويمكن أن تزيد المدة أو تقل حسب وضع المريض
وحالته الصحية وكثافة العظم عنده، ومن ثم نقوم بعمل شق بسيط يفتح على
الزرعة وندخل عليه وتد ومن بعدها يتم تركيب التاج عليه. وتتم هذه العملية
تحت التخدير الموضعي، وتعادل في ألمها عملية خلع الضرس، بمعنى أنها ليست
عملية معقدة أو صعبة. وتعود أهمية تركيب سن بعد خلع سن أو فقده، الى عمل
توازن في الفم والا سيحدث ميل في الأسنان المجاورة للسن المخلوع،
وبالتالي، يحدث تطاول في السن الموجود بالفك المقابل، وبعد فترة تواجه
المريض مشكلتين، أولاهما : صعوبة تعويض الأسنان نظرا لحدوث ميلان في
الأسنان، وبالتالي عدم الانتظام في الإطباق والضغط على الأسنان، كما أن
الأسنان المجاورة للسن المخلوع تصاب بالتسوس، وذلك لأن كل عضو في جسم
الإنسان قد يفقد وظيفته في حال لم يتم استخدامه. •ما المواد التي تستخدم
في الزراعة؟ وما أهم التقنيات الحديثة في هذا المجال؟ ـ ان مستقبل طب
الأسنان يتركز حاليا في زراعة الأسنان، نظرا لأن معظم العلاجات الخاصة
بالعصب تقضي على الألم، لكنه يعود إلى الظهور مرة أخرى بعد أربع سنوات.
أما اليوم، فإن زراعة الأسنان في تطور مستمر خصوصا فيما يتعلق بمادة
التيتانيوم وهي مادة الزرعة التي تغرس داخل العظم، وبالتالي يصبح هناك
التصاق كامل ما بين الزرعة والعظم، ما يضفي متانة وقوة على السن. والعالم
يشهد الآن تناغما بين استخدام الحاسوب وزراعة الأسنان، وبالتالي فإن من
احدث التقنيات في زراعة الأسنان هي التصوير المقطعي، وذلك من خلال تصوير
الفك على شكل مقاطع ونقل الصورة للكمبيوتر والتعامل معها من خلال برنامج
ثلاثي الأبعاد للكشف عن طول الزرعة وقياسها المناسب للعظم دون أي أخطاء.
خصوصا أننا في السابق كنا نعتمد على وضع زرعات من خلال قياسها عن طريق
الأشعة العادية ذات البعدين. بل تطور الأمر إلى إمكانية زراعة الأسنان في
حال وجود جيب فكي، وذلك عن طريق رفع قاع الجيب الفكي ووضع الزرعة، وكذلك
الحال عند وجود عصب، وأصبحت تلك الإجراءات متطورة أكثر من الماضي. •وما
الحالات التي تستدعي عمل زراعة أسنان؟ وهل لهذه العملية مضاعفات؟ ـ ان فقد
الإنسان أسنانه لأسباب عدة، كالنخر أو التسوس أو الخراج، أو التعرض لحادث
والذي ينتج عنه فقدان الأسنان خصوصا الأمامية من أهم الأسباب التي تستدعي
عمل زراعة. أما عن المضاعفات فمن المعروف أن لكل عمل جراحي مضاعفاته
الخاصة، لكن مضاعفات عملية زراعة الأسنان بسيطة جدا ومنها حدوث نوع من
الانتفاخ في منطقة الخد يستمر لمدة يومين ومن ثم يختفي، إضافة إلى حدوث
ألم بسيط ونزول دم خفيف. وقد تحدث في بعض الأحيان مضاعفات خطيرة، نظرا
لخطورة الزراعة في أماكن تشريحية في منطقة الفكين، فقد يحدث ثقب في الجيب
الفكي، أو خطورة في منطقة الأضراس الخلفية السفلية إذا كانت قريبة من
العصب. ولكن الطبيب الجراح تكون لديه دراية تامة بالمناطق التي سوف يجري
فيها زراعة الأسنان فيبتعد عن المناطق الخطيرة ويضع طول الزرعة المناسب،
وسماكتها المناسبة. •وهل هناك موانع لإجراء زراعة للأسنان؟ ـ تتمثل
الموانع في شكوى المريض من مرض عام كالسكري غير المنتظم، والذي يصاحبه
أحيانا التهاب شديد في اللثة، وكذلك المريض الذي يعاني من هشاشة عظام، أو
يتناول مركبات الكورتيزون بشكل كبير.