مفهوم التقافه و المدنيه

يتسأل الكاتبان (الموند و فيربا) فى كتابهما الذى اصبح كلاسكيا فى هذا المجال عن لماذا تنجح الديمقراطية فى بعض البلدان بينما تفشل فى البعض الاخر؟ ومن خلال دراسة مقارنة للوضع فى عدة بلدان كانت الاجابة تتلخص فى ان المتغير المؤثر فى هذا الشأن هو وجود أو عدم وجود ماسمياه بالثقافة المدنية .فاذا كانت الثقافة السياسية هى مجموع تلك القيم والمشاعر والغايات التى تحدد نظرة الفرد والجماعة الى الشأن السياسى ، ومن ثم السلوك السياسى ،فان الثقافة المدنية ،بصفتها جزءا من الثقافة السياسية لهذا المجتمع أوذاك ،هى قيم من نوع خاص قيم تقوم على التسامح واحترام الاخر، فى العلاقة بين افراد المجتمع الواحد بصفة خاصة
G.A ALMOND AND SIDNEY VERDA , THE CIVIC CULTURE. PRINCETON (UNIVERSITY PRESS,1963)
وما يسميه الموند وفيربا بالثقافة المدنية هو بالتالى الاساس الذى يقوم عليه مفهوم اخر هو ((القدرة المدنية )) والتى تعنى مدى تحمل وتقبل المجتمع وثقافته للتغيير ، وطبيعة العلاقة بين مكونات المجنمع الواحد منحيث طبيعة العلاقة بينها ،احتواء اواقصاء (انظر:
KERRY KENNEDY, CIVIL SOCIETY, CIVIC INSTITIONS AND LOCAL CULTUERS; BUILDING CIVIC CAPACITY INTO THE SCHOOL CURRICULM, ((UNIVERSITY OF CANBERR 2005))
ومن هنا فان الثقافة المدنية تعتمد على توافر مجموعة معينة من القيم يطلق عليه بعض المتخصصين الفضائل المدنيه وهى فى تصورى ما تنقسم الى مايلى
1\فضائل عامة: الشجاعة، طاعة القانون،الاخلاص
2\فضائل اجتماعية: الاستقلاليه ،الانفتاح
3\فضائل اقتصادية: اخلاق العمل ، القدرة على تاجيل المتع الذاتيه ،القابلية للتكيف مع المتغيرات الاقتصادية والتقنية
4\فضائل سياسية: القدرة على احترام الاخرين ، الاستعداد للمشاركة فى الشان العام
ويضيف بعض الباحثين فضائل وقيم اخرى ممكن ايجازها وتلخيصها فى خمس اساسية هى العقلانية والتسامح والفردية والاخلاص وطاعة القانون وهذه الفضائل وغيرها هى الاساس الروحى ان صح التعبير لاى مجتمع فاعل ولايمكن ان ينشاء مجتمع فاعل بدون هذه القيم ولو نظرنا الى الحالة العربيةفى ظل هذه الفضائل والقيم لوجدنا فقرا شديدا فى وجودها بشكل عام رغم ان تعاليم ديننا الحنيف تمثل مرجعية لهذه القيم وغيرها من القيم الانسانية التى تسعى الى سعادة الانسان واحترام حقوقه وكيفية تعامله مع الغير ولكن هذ الفقر يرجع بالدرجة الاولى لابتعادنا عن هذه القيم الاسلامية السمحاء من جهة ومن جهة اخرى نتيجة تاريخ طويل وارث ثقيل من السلطوية وسيادة ثقافة الاقصاء والتلقى..
وبنظرة سريعة للتاريخ العربى فى هذا المجال ،،،يمكن القول ان الدولة العربية مازالت فئوية فى بنيتها وسلوكها ، حتى وان لم يعلن ذلك فى اسم الدولة . ففى الانظمة الملكية والجمهورية العربية الحديثة الثورية منها او المحافظة على السواء هناك دائما عائلة حاكمة بمعنى من المعانى او طائفة مهيمنة او مميزة بحيث يمكن الحديث عن النمط العربى للحكم انه قائم على عدة اركان .الركن الاول هو وجود مؤسسة تقليدية تهيمن والركن الثانى هو وجود مؤسسة حديثة تساير الشكل الديمقراطى تعتبر واجهة للحكم والهيمنه والركن الثالث هو وجود زعيم يقف على رأس المؤسستين بحيث يلعب دور زعيم القبيلة او الزعيم الروحى او التمنطق بالدين والركن الرابع الزعامة الاجتماعية السياسية اى ان الزعيم يوصف بانه الاب والمرشد والمعلم والمصلح الاجتماعى اما الركن الخامس والاهم تاثيرا سلبيا على الثقافة المدنية الاجتماعية العربية وهو الايمان بان الزعيم لايخطىء وان أخطاء
ولو جمعنا هذه الاركان الخمسة فانى اعتقد اننا قادرون على فهم الالية الحقيقية التى تعمل الانظمة العربية من خلالها فى السابق والحالى.
ان ارث الدولة السلطانية فى الوطن العربى والعلاقة الاحادية الابويه فى معظم العلاقات الاجتماعية أدى الى نشؤ ثقافة معينة فى هذا المجال هذه الثقافة هى ما يمكن تسميته بثقافة التلقى والانتظار فى مقابل ثقافة المبادرة فالفرد العربى وفق هذه الثقافة دائما فى حالة انتظار ان يعطى او يمنح ولكنه لايبادر ((فيأخذ)) ربما كان للدولة السلطانية الابوية دور كبير فى ترسيخ مثل هذه الثقافة ، ولكن المشكلة انها اصبحت جزء من العقل العربى ذاته ،بحيث انه لو انتهت الدولة السلطانية وارثها فان الموقف ذاته سيبقى فترة من الزمن رغم تلاشى اسبابه يؤثر فى الثقافة المدنية العربية والتى هى اساس الفكر والسلوك فى اى مجتمع مدنى يفترض ان يكون صاحب مبادرة واستقلالية فى الحركة وبدونهما اى المبادرة والاستقلالية لايمكن ان تكون للمجتمع المدنى قيمة وجودية مؤثرة وهنا تكمن احد معوقات الاصلاح فى الوطن العربى.....

مفهوم التقافه و المدنيه

مفهوم التقافه و المدنيه

رد: مفهوم التقافه و المدنيه

رد: مفهوم التقافه و المدنيه

رد: مفهوم التقافه و المدنيه

رد: مفهوم التقافه و المدنيه

رد: مفهوم التقافه و المدنيه

رد: مفهوم التقافه و المدنيه

رد: مفهوم التقافه و المدنيه

رد: مفهوم التقافه و المدنيه